الجمعة، 6 أغسطس 2010

معارج الوصول إلى منازل إخوان الرسول صلى الله عليه و سلم للشيخ سليم بن عيد الهلالي السلفي الأثري

معارج   الوصول  إلى  منازل    إخوان    الرسول  صلى الله عليه وسلم

بقلم فضيلة الشيخ سليم بن عيد الهلالي السلفي الأثري

عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى الْمَقْبُرَةَ فَقَالَ: [ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاَحِقُونَ، وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا ]. قَالُوا: أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟! قَالَ: [ أَنْتُمْ أَصْحَابِي، وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْد ].
فَقَالُوا: كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِنْ أُمَّتِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ: [ أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلاً لَهُ خَيْلٌ غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ بَيْنَ ظَهْرَيْ خَيْلٍ دُهْمٍ بُهْمٍ أَلاَ يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟ ؛ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: [ فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ، أَلاَ لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي؛ كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ أُنَادِيهِمْ أَلاَ هَلُمَّ. فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ. فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا ].
أخرجه مسلم (249)، وابن ماجه (4306)، ومالك (62- بتحقيقي)، وأحمد (7993)، وابن خزيمة (6)، وأبو عوانة (1/138)، وأبو يعلى(6502) والبيهقي (4/78) من طريق العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه.
ولقصة (إخوان الرسول صلى الله عليه وسلم) شاهد من حديث أنس - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ وَدِدْتُ أَنّي لَقِيتُ إِخواني ] قال: فقال أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - : أوليس نحن إخوانك؟ قال: [ أنتم أصحابي، ولكن إخواني الذين أمنوا بي ولم يروني ].
أخرجه أحمد (12579) من طريق جسر عن ثابت عنه به.
قلت: إسناده فيه ضعف؛ لأن فيه جسر بن فرقد، وهو ضعيف.
لكن تابعه محتسب بن عبد الرحمن عن ثابت عنه به: أخرجه أبو يعلى (3390) والطبراني في «الأوسط» (5490). وهذا إسناد ضعيف؛ لأن فيه محتسب وهو ضعيف.
وبالجملة؛ فحديث أنس حسن بطريقيه، وهو شاهد تام لقصة إخوان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وبنظرة متأنية وفاحصة يتبين لأولي الألباب منازل إخوان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فنقول، وبالله وحده نصول ونجول:
أولاً: هم سلفيون.
ويدل على ذلك أمور، منها:
1- ربط الرسول - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه وإخوانه، فقوله: «بل أنتم أصحابي» لم ينف بذلك أخوتهم، ولكن ذكر لهم مزيتهم الزائدة بالصحبة؛ فهؤلاء إخوة صحابة، والذين لم يأتوا بعد: إخوة ليسوا صحابة.
قال ابن عبد البر في «الاستذكار» (2/167): «فيه دليل على أن أهل الدين والإيمان كلهم إخوة في دينهم، قال الله تعالى: {إنما المؤمنون إخوة} [الحجرات: 10].
وهذا يدل على أن إخوان الرسول - صلى الله عليه وسلم - على سمت الصحابة - رضي الله عنهم - في الدين والإيمان والإتباع والتزكية، ولو لم يكونوا متبعين للصحابة بإحسان لما استحقوا هذا الوصف الحبيب (إخوان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ).
ولذلك؛ فهم سلفيون في العقيدة، والمنهج، والسلوك، والأحكام، والتربية، والأخلاق، والسياسة، وفي كل شأن من شؤون حياتهم.
2- كونهم لم يأتوا بعد ومع ذلك ارتبطوا ارتباطا وثيقاً برسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدل على أنهم تلقوا الدين كله عن طريق الصحابة - رضي الله عنهم - فهم الذين نقلوا الكتاب والسنة، وهم شهداء الله على من جاء بعدهم، وهذا يدل على أن (إخوان الرسول - صلى الله عليه وسلم - ) سلفيون خُلَّص حتى النخاع.
ثانياً: محاربون لأهل البدع والأهواء.
ويدل على ذلك أمور منها:
1- ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علامة أمته يوم القيامة، وهي: الغرة والتحجيل، وأنه يلقاهم على الحوض يعرفهم بسيماهم، وأن رجالاً ينادون عن الحوض، وهم: أهل البدع والأهواء، الذين غيروا سنته وتلونوا في منهجه واضطربوا في عقيدته.
وهذا يدل على أن (إخوان الرسول - صلى الله عليه وسلم - ) ليسوا من أهل البدع والأهواء والعوائد في شيء، وأنهم يحاربونهم ويتبرؤون منهم، كما تبرأ منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله: «سحقاً سحقاً».
2- أن (إخوان الرسول - صلى الله عليه وسلم - ) جاءوا بعده وأهل البدع والعوائد بدلوا بعده، وهذا يدل على أن (إخوان الرسول - صلى الله عليه وسلم - ) قاوموا البدع والمحدثات ودعاتها في حياتهم وفي أمتهم حتى لقوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الحوض.
ثالثاً: قلوبهم معلقة بالملأ الأعلى.
ويدل على ذلك أموراً منها:
1- أنهم يعلمون أن ما عند الله خير لهم، وأن متاع الدنيا قليل، وبهرجها غرور؛ فلذلك ذكرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في زيارة أهل القبور الذين تركوا الدنيا خلف ظهورهم، وطلَّقوها البتة؛ فبذلك يعلم: أن (إخوان الرسول - صلى الله عليه وسلم - ) لا يريدون في الأرض علوا ولا فساداً، ولكن همتهم الدار الآخرة، ولذلك جعلوا الدنيا ممر إليها، وحطوا رحالهم في الدار الآخرة، فتم لهم هذا اللقاء على سيد الأنبياء على الحوض: ماؤه أحلى من العسل، وأشد بياضاً من اللبن، وآنيته كعدد نجوم السماء.
2- قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في رواية: «وإخواننا الذين لم يأتوا بعد وأنا فرطهم على الحوض» يدل أن (إخوان الرسول - صلى الله عليه وسلم - ) لما لم يدركوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأبصارهم عانقته قلوبهم وبصائرهم؛ فجعلوا رحلتهم نحو الدار الآخرة حتى يلقوه على الحوض، فكان الرسول فرطاً لهم على الحوض.
رابعاً: يشتاقون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ويود أحدهم لو وَتُر أهله وماله ورأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وقد ورد في ذلك جملة أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، منها:
1- حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عند مسلم (2832) قال - صلى الله عليه وسلم - : «مِنْ أَشَدِّ أُمّتي لِي حُبّاً نَاسٌ يكونون بَعْدِي، يَوَدُّ أحدُهم لوَ رآني بِأَهْلِهِ ومالِهِ».
2- وحديث أبي ذر - رضي الله عنه - عند أحمد (21385) بإسناد حسن لغيره قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «أَشَدُّ أُمَّتِي لِي حُبّاً قَوْمٌ يَكُونُونَ بَعْدِي، يَوَدُّ أَحَدُهُم أَنَّهُ أَعَطى أَهْلَهُ ومَالَهُ وَأَنَّهُ رَآنِي».
خامساً: يتعلمون السنة ويعلمونها وينصرونها ويعملون بها.
(إخوان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) من أشد الناس حباً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، مع أنهم لم يلقوه، ولم يروه، ويأتون بعده (!!) فما الذي جعلهم كذلك؟! ورسول الله – صلى الله عليه وسلم - ليس بين ظهرانيهم ؟ إنهم علموا أنهم إن لم يلقوا رسول الله فقد وجدوا سنته، وإن لم يروه فقد رأوا منهجه؛ فكانت سيرته وشمائله ديدنهم وهجرتهم.

أهل الحديث هم أهل الرسول *** إن لم يصحبوا نفسه أنفاسه صحبوا

لقد تلقوا سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - غضة طرية نقية بالسلاسل الذهبية المدونة في دواوين السنة، فعلموا الصحيح، فالتزموه، وأبصروا السقيم؛ فردوه، فكان زاد حياتهم صحيح السنة النبوية؛ فزاد شوفهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقوي حبهم له حتى قال فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولاً يتمنى كل أنسان أن يكون منهم كما تمنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاءهم.
أخرج البزار (3/318-319 –كشف الأستار) بإسناد حسنه شيخنا الإمام الألباني - رحمه الله - في «الصحيحة» (3215) عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «أي الخلق أعجب إيماناً؟ قالوا: الملائكة. قال: الملائكة كيف لا يؤمنون؟! قالوا: النبيون. قال: النبيون يوحى إليهم فكيف لا يؤمنون؟! قالوا: الصحابة. قال: الصحابة مع الأنبياء فكيف لا يؤمنون! ولكن أعجب الناس إيماناً قوم يجيئون من بعدكم؛ فيجدون كتاباً من الوحي فيؤمنون به ويتبعونه، فهم أعجب الناس إيماناً - أو الخلق إيماناً -»(1).
ولهذا كله أرجو الله - مخلصاً- وأدع - صادقاً - أن تكون (منتديات إخوان الرسول السلفية) لقاءات إيمانية، وحوارات منهجية، ونصائح أخوية، وتوثيقات علمية سلفية، ولاؤها ظاهراً وباطناً للكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح من الصحابة - رضي الله عنهم - ومن تبعهم بإحسان، والانتفاع بجميع علماء الدعوة السلفية على حد سواء دون تعصب أو تحزب أو تقليد، محاربة لأهل البدع والأهواء ممن ظهرت بدعتهم أو خفيت على كثير من السلفيين، وأتمنى أن أرى أنموذجاً للصدق عالياً في الطرح والأداء في جميع المجالات؛ لنزداد علماً وخلقاً كريماً.
وأسأل الله التوفيق والعون والسداد والثبات على المنهج السلفي لكل العاملين في هذه (المنتديات السلفية) حتى نلقاه سبحانه وهو راض عنا، ونرد الحوض على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونشرب من يده شربة لا نظمأ بعدها أبداً - إن شاء الله -.

غداً نلقى الأحبة محمداً وصحبه

...................
(1) وهذا الحديث مما تراجع عن تضعيفه (الضعيفة – 647) شيخنا –رحمه الله - وانظر الصحيحة (7/1/656).

المصدر: ..: منتديات إخوان الرسول السلفية :..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق